ابتليت الأمة الشيعية بوباء التقية غير الشرعية أو ما
نعبر عنه الخذلان والجُبن المتقمص ثوب التقية والتقية منه براء، فالتقية مسألة
شرعية أحياناً تدور مدار الأحكام الخمسة (الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة
والحرمة)، فليست واجبة دائما وليست حراما دائما، وتفصيل ذلك في رسالة التقية للشيخ
الأعظم الأنصاري (رضوان الله عليه). وفي الحقيقة أن التقية قد شُرعت لعزة الإنسان
الشيعي وليست لإذلاله، وشرعت لحفظ الدين وأهله من الكفر وأهله.
وقد أعجبني استخدام أحد العلماء للتقية لغاية شريفة،
والعالم هو الميرزا محمد عناية الدهلوي الكشميري (رضوان الله عليه) الذي سبق وأن
كتبنا عنه مقالة في مدونتنا. وقد ذكرنا فيما ذكرنا عنه أنه قد ألف كتاب النزهة
الإثني عشرية رداً على كتاب الناصبي عبد العزيز الدهلوي (لعنه الله) الذي ألفه
لمهاجمة الشيعة والتشيع. كان هذا العالم الجليل يحضر في درس عبد العزيز الدهلوي
ويتقي منه بنية أن يحصل على نسخ من كتاب التحفة، فكان (رحمه الله) حين ينتهي
الدهلوي من تصنيف أحد أجزاء التحفة يأخذه ليستنسخه ثم يرد عليه وينقضه.
يحكي السيّد محمد مهدي الموسوي الأصفهاني الكاظمي في
كتابه أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة هذا الأمر فيقول:
"لمّا صنف الشاه عبد العزيز الدهلوي كتاب التحفة الإثني عشرية كان صاحب
العنوان يختلف إليه للتحصيل والتلمذة وكان يتقي منه على دينه، فكل جزء يبرز من تصنيفه
يأخذه الميرزا للاستنتاخ وينقضه بأسرع وقت من حيث لا يشعرون". (أحسن الوديعة
ص12)
هذه هي التقية الشرعية وليست تقية الوائلي غير
الشرعية وهو الذي يتبجح بإتباعه عبارة "رضوان الله عليهما" بعد ذكره
لإسم الطاغوتين أبي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) وليست تقية الجبناء الذين غلفوا
جبنهم وخذلانهم باسم التقية.
أبو لؤلؤة البحراني
16 ربيع الأول 1434 هـ