الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

الشيخ خضر الحبلرودي.. وكتاب التوضيح الأنور


تستهويني قصص العلماء وسيرهم، وكثيراً ما أُفتّش في بعض الكتب عن العلماء غير المعروفين وأحاول الكتابة عنهم، وفي أثناء اطّلاعي على كتاب أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل للشيخ المُحدّث الحُر العاملي (رضوان الله عليه) – والكتاب موجودٌ على الإنترنت - قرأتُ سيرةً لعالم مُتكلّم اسمه الشيخ خضر بن محمد الرازي الحبلرودي، وقد وصفه الشيخ الحر العاملي بأنه: "كان عالماً فاضلاً ماهراً مُحّققاً مُدّققاً إمامياً صحيح الاعتقاد". (أمل الآمل ج2 ص110)

وترجمة الشيخ الحبلرودي في كتاب الأمل صغيرة وليست مُفصّلة، فحاولت أن أجد بعض المعلومات في كتب أخرى، واعتمادي كله على الكتب المتوّفرة على الإنترنت، فوجدت ولله الحمد ترجمة أوسع في كتاب أعيان الشيعة، ومما يُستفاد من الترجمة المذكورة في الأعيان هو توضيح نسبة (الحبلرودي) فيقول مؤلّف الأعيان: "الحبلرودي نسبة إلى حبلرود بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح اللام وضم الراء وسكون الواو بعدها دال مهملة"، ويستمر بقوله: "قرية كبيرة معروفة من اعمال الري بين بلاد مازندران والري". (أعيان الشيعة ج6 ص323)

وأهم ما أود الإشارة إليه بخصوص هذا العالم هو تصدّيه للرد على النواصب، فقد ذكره المُحقّق المُعاصر آية الله السيّد علي الحسيني الميلاني (دام ظله) في مُقدّمة كتابه نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار، فيقول: "وقد شكّلت كتب الردود قسماً كبيراً من مؤلفات الإمامية في مسائل الإمامة، كما لا يخفى على من لاحظ فهارس المؤلفات، والسبب في ذلك هو أن أهل السنة لا بضاعة لهم الا الكذب والإنكار". (نفحات الأزهار ج1 ص21)

ثم يذكر السيد الميلاني نماذج من الكتب الناصبية التي أُلّفت ضد التشيُّع، والكتب الشيعية التي أُلّفت رداً عليها فيذكر: "وألف يوسف الأعور الشافعي الواسطي كتاب الرسالة المعارضة في الرد على الرافضة. فردّ عليه الشيخ عز الدين الحسن بن شمس الدين المهلبي الحلي بكتاب الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية، قال فيه: «التزمت فيه على أن لا أستدل من المنقول عن الرسول، إلا بما ثبت من طريق الخصم ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه». والشيخ نجم الدين خضر بن محمد الحبلرودي الرازي بكتاب التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور". (نفحات الأزهار ج1 ص22-23)

فيتبيّن مما ذكره السيّد الميلاني أن أحد علماء النواصب وهو يوسف الأعور الشافعي الواسطي كتاباً يُهاجم فيه الرافضة (أعزّهم الله) - الذين هُم تاج رأسه وتاج رؤوس الأُمّة الإسلامية جمعاء -، وما أشبه نواصب ذلك العصر بنواصب عصرنا؛ فنحن نتفرّج كل يوم على شيوخ النواصب وحاخاماتهم حين يريدون أن يُناقشوا الشيعة يُهرّجون وإن أرادوا أن يستدلّوا؛ استدلّوا بكتبهم. فبالله عليك هل نحن حين نُريد أن نُثبت أحقّية التشيُّع نستدل بكتبنا؟! وهذا الناصبي الأعور كما يبدو – وأنا لم أطّلع على كتابه – يستدل بكتبه على الشيعة، ونستشفُّ ذلك مما نقله السيّد الميلاني عن صاحب كتاب الأنوار البدرية الذي قال عن كتابه: "التزمت فيه على أن لا أستدل من المنقول عن الرسول، إلا بما ثبت من طريق الخصم ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه".

وكان الشيخ الحبلرودي ممن ردّ على هذا الأعور في كتابه التوضيح الأنور بالحجج الواردة لدفع شبه الأعور، وقد ذكر هذا الكتاب الشيخ آغا بزرگ الطهراني (رضوان الله عليه) في الذريعة بقوله: " وهو جيد كثير الفوائد، وهو أحسن وأتم وأفيد من كتاب الأنوار البدرية". (الذريعة ج4 ص491)

وهذا الكتاب ليس مطبوعاً ولا يزال مدفوناً مع بقية التراث الشيعي المدفون فأنا أُناشد طلبة الحوزة المُتمكنين أن يستخرجوا مخطوطة هذا الكتاب ويُحقّقوه ويُقدّموه للطبع، فنحن لا نُريد أن يُدفن هذا التراث وإنما نُريد أن نُحييه، ولا أشُكُّ بأن هذا الكتاب كغيره من الكتب الشيعية المدفونة فيه ما يُستفاد منه، فأتمنى لو يُطبع هذا الكتاب جنباً إلى جنب مع كتاب الناصبي الأعور، فإنه يُرينا تهافت شبهات النواصب، ولجم علمائنا لهم وردّهم لشبهات النواصب.

أبو لؤلؤة البحراني
15 ذو الحجّة 1433 هـ

الأحد، 28 أكتوبر 2012

ضرورة تحديد الأهداف والسعي لتحقيقها


يُشير سماحة آية الله السيّد مُرتضى الشيرازي (دام ظله) في كتابه القيم بحوث في العقيدة والسلوك – وأنصح الجميع بقرائته – إلى أهمية أن يحدد كل فرد هدفاً أو أهدافاً يبتغي الوصول إليها ويسعى لتحقيقها، والناجحون هم من يضعون لهم أهدافاً، وقد عرض سماحته أمثلة على بعض الشخصيات التي وضعت لها أهدافاً، كان منها والدة الشيخ الأعظم الأنصاري (رضوان الله عليه) التي وضعت لها هدفاً أن يكون ابنها عالماً كبيراً؛ فغدى ابنها المرجع الأعلى للشيعة ولُقّب بالشيخ الأعظم. وكذلك السيّد محمد الشيرازي (رضوان الله عليه) – والد السيد المرتضى – الذي حدد له هدفاً وهو أن يؤلف ألف كتاب؛ وقد حققه وتجاوزت مؤلفاته الألف مؤلف، وصار صاحب أكبر عدد من المؤلفات في العالم. ومن هذه الأمثلة ما ذكره عن الشيخ عباس علي الإسلامي الذي حدد لنفسه هدفاً وهو أن يكون مؤسساً فاستطاع مع تواضع إمكانياته أن يؤسس ثلاثمائة مدرسة. وأيضاً ذكر قصة المرحوم الميرزا مهدي الأصفهاني (رضوان الله عليه) الذي كان له هدف أن يُربّي مجموعة كبيرة من العلماء الذين يحملون راية الحديث الشريف ضد الفلسفة والعرفان، فاستطاع وخرّجت مدرسته العظيمة علماء كبار كالشيخ محمود الحلبي وغيرهم.

ينبغي علينا أن نسير في هذا المسير ونُحدّد لنا هدفاً، وينبغي أن لا تكون – ونحن مُتديّنون إن شاء الله – أهدافنا دنيوية؛ وإنما تكون في المقام الأول أهدافاً دينية وأخروية. وأما بالنسبة لي شخصياً وأنا شاب أسأل الله أن يحسبني من مُحبّي أهل البيت (عليهم السلام)، ولا أُسمّي نفسي شيعياً فإن ذلك مقامٌ عالٍ لستُ أهلاً له، ولكن أسأل الله أن أكون مُحباً صادقاً لهم (عليهم السلام) وأن تشملني عنايتهم بأن أُحقّق أهدافي، وهي:

1-  أن أتخرج من الجامعة – وأنا لا زلتُ طالباً – بنجاح كي أتمكن من خدمة أهل البيت (عليهم السلام) بحسب تخصصي.
2-  أن يهتدي ألف مخالف على يدي، وأيمُ الله إن الخير كل الخير في ذلك، وقد قال رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله): "لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت".
3-  أن تُؤسس المنظمة الشيعية العالمية، والتي قد اقترحت إنشائها في مقالتي السابقة، وسأسعى بكل ما أوتيت من قوة أن أؤسسها.
أبو لؤلؤة البحراني
11 ذو الحجة 1433 هـ

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

مُقترح لإنشاء المنظمة الشيعية العالمية


{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}


في ظل الهجمات الشرسة من كل الأطراف المُوجّهة ضد ديننا وعقيدتنا ولافتقارنا إلى دول ومنظمات بمستوى عالمي تهتم حقاً بالدفاع عن ديننا وعقيدتنا وطائفتنا، وعدم اهتمام تُجّار طائفتنا وأغنيائهم بالمشاريع النهضوية الشيعية؛ فإنّ من الواجب علينا أن نسعى نحن في إيجاد منظمّة عالمية تحمل على عاتقها الدفاع عن التشيُّع عالمياً، وإنني أحاول أن أضع مُقترحاً بكل تواضع لتأسيس مثل هذه المنظمة التي نأملُ أن تُوجد يوماً ما فتتصدى لردّ الهجمات الإلحادية والناصبية وتكسر شوكتهم، ويكون لمن ساهم في تأسيس هذه المُنظّمة وإيجادها شرفٌ كبير في كسر النواصب، وأين نحن عن وصيّة الإمام الصادق (عليه السلام): "من كان همه في كسر النواصب عن المساكين الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبين عوراتهم، ويفخم أمر محمد وآله صلى الله عليه وآله، جعل الله همة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا". (تفسير الإمام العسكري ص349-350)

كتصوّر أولي للخطوة الأولى هو تأسيس هيئة دينية (غير ربحية) في دولة من دول الغرب حيث أنّها أنسب الأماكن للقيام بمثل هذه المشاريع، ثُمّ إطلاق حملة إعلامية لجمع أكبر عدد ممكن من التبرُّعات من الشيعة المُخلصين الأبرار ليتكوّن رأس مال يمكن به تأسيس مؤسسة تجارية ربحية مُنبثقة عن الهيئة الأم. وقد يُقال: هل همُّنا هو جمع المال والتجارة فقط؟ الجواب: ليس هَمُّنا أن نجمع المال فقط وفقط، ولكن هذا المال مُقدّمة واستباق للخطوات التالية، فبهذا المال نبني مسجداً، وبهذا المال نُشيّد مدرسة، وبهذا المال نؤسس حسينية، وإذا فُقد المال فُقد المسجد وفُقدت المدرسة.

إن وجود هذه المؤسسة التجارية يكفينا مؤونة جمع التبرّعات في كل مرّة لإنشاء مشروع جديد، وإنّما نكتفي بها حيث ستكون كل أرباح هذه المؤسسة في دعم مشاريع المُنظّمة، فنطلق الفضائيات، ونؤسس في كل بلد مركزاً، ونبني المساجد، ونُشيّد الحسينيات، ونرعى الأيتام، ونُوفّر العلاج لمرضى المؤمنين والمؤمنات ببناء المستشفيات، وهكذا تتوسع المشاريع الإسلامية التي ترعاها المنظمة بتوسع تجارتها.

ولا أعلم ما هو نوع التجارة الذي من المفترض أن تمارسه هذه المؤسسة وكيفية عملها وإنّما وضعت المُقترح ونأمل من إخواننا المؤمنين أن يشاركوننا بآرائهم وأفكارهم.

أبو لؤلؤة البحراني
الثامن من ذي الحجّة 1433 هـ

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

كتاب (مُراد المُريد في شرح التقليد)

صار بالإمكان تحميل نسخة PDF من كتابنا (مُراد المُريد في شرح التقليد)، ويمكن الاطّلاع عليه بالضغط هنا.

وهو مُوجّه على الأعمّ للمُتشيّعين الجُدُدْ والمُكلّفين الذين لا يفهمون معنى التقليد وحكمه وكيفيته، وأرجو أن لا تترددوا في إرسال أي ملاحظات أو انتقادات وبريدي الإلكتروني هو:
أخوكم أبو لؤلؤ البحراني

الأحد، 7 أكتوبر 2012

تأمُّل بسيط في الخطاب القرآني والمُحمّدي


الناظر إلى الأدب القرآني والمُحمّدي المتجسد في القرآن الكريم وكلام الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) يعلم أنّ هناك نوعين من الخطابين تتلخّص في قوله تعلى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} فالشدّة في موضعها الصحيح، والرحمة في موضعها الصحيح. أما تعميم الرحمة في كل موضع أو تعميم الشدّة في كل موضع فلا يفعله إلا الجهلة السفهاء أو السفلة من الفقهاء.

خطاب الرحمة: هو ذلك الخطاب الذي نرى فيه قوله تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}، و{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ}، وهو كراهة أمير المؤمنين عليه السلام لسب أصحابه عوّام أهل الشام في معركة صفين حين قال: "إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين".

خطاب الشدّة: هو ذلك الخطاب الذي نرى فيه قوله تعالى {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، وقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}، وقوله تعالى: {عُتُلّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}، وهو أمر النبي (صلى الله عليه وآله): "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم"، وهو لمز النبي لمروان بن الحكم بوصف: "الوزغ بن الوزغ"، وهو قول النبي في معاوية: "رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه"، وهو قول الإمام الحسين عليه السلام في يزيد: "الدعي بن الدعي"، وهو قول السيّدة زينب في أخيها الحسين عليه السلام: "قتيل أولاد البغايا".

فالسب جائز لمن يستحقه، وحرامٌ لمن دون ذلك، فلا يُحرّم السب مطلقاً أو يُجوّز السب مطلقاً إلا سفيه جاهل أو فقيه سافل.