الأحد، 23 سبتمبر 2012

المسلكان الأصولي والأخباري عند علماء البحرين في القرن الثاني عشر



من كتاب تلامذة العلّامة الشيخ حسين آل عصفور: "ومنذ مطلع القرن الثاني عشر الهجري بدأ المسلك الأخباري ينتشر في البحرين بشكل واضح، فرغم أن الشيخ سليمان الماحوزي كان أصوليّاً متميزاً إلا أن تلامذته انقسموا بين المسلكين الأخباري والأصولي، فبينما اختار بعضهم متابعة أستاذه في مسلكه وعلى رأسهم والد صاحب الحدائق، والشيخ حسين الماحوزي، اختار البعض الآخر مسلك المحدّثين وعلى رأسهم الشيخ السماهيجي، والشيخ علي بن عبد الله البلادي، وشيئاً فشيئاً بدأ المسلك الأخباري في البروز والانتشار على حساب المسلك الآخر الذي بدأ في الانحسار تدريجياً حتى انحصر في بعض المناطق، وقد أدّت هذه التبانيات في المشارب الفقهية؛ لتنشيط حركة البحث العلمي، فازدهر التدريس والمباحثات في الحوزات العلمية في البحرين".

الخُلاصة:

1- الشيخ سليمان الماحوزي (الأصولي المتميز) هو جدّ الشيخ حسين العصفور (شيخ الأخبارية في عصره) لأمه.
2- الشيخ أحمد والد صاحب الحدائق أصولي، وابنه الشيخ يوسف (صاحب الحدائق نفسه) أخباري.
3- هناك من الأصوليين مَنْ أَكْثَرَ في التشنيع على الأخباريين كالشيخ أحمد والد صاحب الحدائق، وهناك من الأخباريين من أَكْثَرَ في التشنيع على الأصوليين كالشيخ عبد الله السماهيجي. ولكن كما نرى فأن كثيراً منهم تربطهم علاقة نسبية أو أن أحدهم يكون أستاذاً للآخر، ومع كل التشنيع فإنه يبقى في إطار البحث العلمي وإلّا فإننا نجد في الرسائل والمكاتبات بين هؤلاء العلماء كل الاحترام، وكل ما صدر منهم من تشنيع كان هدفه حفظ الدين وكان بنيّة حسنة.

أبو لؤلؤة البحراني
6 ذو القعدة 1433 هـ

السبت، 22 سبتمبر 2012

كتاب (بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه السلام)


سمعنا مؤخراً كثيراً بمن ظهر في البصرة ويدّعي أنه ابن الإمام المهدي (عليه السلام) الدجّال المدعو أحمد اسماعيل گاطع (لعنة الله عليه)، وحين يقرأ القارئ المنصف بعض تُرّهاته الذي يدّعي أنها أدلة ترى التفنن في التدليس وبتر الروايات والخداع والتدجيل على العوام. وكثيراً ما كان يستخرج الروايات من كتاب بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه السلام للسيد مصطفى آل حيدر الكاظمي، ولذا فإن الإطّلاع على هذا الكتاب مهم جداً حيث يرى من يراجعه مدى تدليس وكذب هذا الدجّال أسأل الله أن يعجّل في هلاكه وهلاك أتباعه. )لتحميل الكتاب: إضغط هنا)

الجمعة، 21 سبتمبر 2012

الشيخ البلادي.. مؤرّخ علماء البحرين


يقول أمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما جاء في نهج البلاغة: “العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة”.

وهنالك أحاديث كثيرة عن أئمتنا (عليهم السلام) توضّح فضل العالم والعلماء، ومنها قول الإمام الباقر (عليه السلام): “عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد”. (الكافي الشريف ج1 ص33)

ويقول رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله): “من ورّخ مؤمناً فكأنما أحياه”. (مستدرك سفينة البحار ج10 ص279)

من هذا الباب نحاول أن نكتب ولو شيئاً بسيطاً عن المرحوم المُقدّس العلامة الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي (رحمة الله عليه).. أصله من قرية البلاد القديم البحرانية وقد ولد فيها سنة 1274 هـ، ولم يكن هذا العالم من أهل الدنيا وكل من إطّلع بسيرته علم بحاله فقد فقد والده وهو في السابعة من عمره وكانت البحرين تعيش حياة مأساوية من صراع السلاطين وطُلّاب الدنيا وقد قتل في تلك السنوات حاكم البحرين آنذاك وهو علي بن خليفة، وقد تشتت كثيرٌ من أهل البحرين وفرّوا إلى البلدان المجاورة، وكانت القطيف أكثر البلدان التي يرحل إليها البحارنة في فترات الحروب والاضطرابات لقربها الجغرافي ولوجود بعض المشتركات بين البحرين والقطيف كالتاريخ والعادات والتقاليد. كان الشيخ البلادي رحمه الله من جملّة من رحلوا إلى القطيف مع والدته وكان صغير السن حينها وقد توفيت والدته بعد سنتين فصار يتيم الأب والأم، إلّا أن الشيخ المرحوم أحمد آل طعان رضوان الله عليه - وهو بحراني ستراوي الأصل أي من جزيرة سترة البحرانية – كان قد استقرّ في قرية القديح القطيفية فآوى الشيخ البلادي عنده وكفله وربّاه أحسن تربية وكان له أباً وأستاذاً، وهنا تتبين أهمية رعاية اليتامى حيث أن اليتامى قد يكونون من العظماء فيما بعد. وقد كتب الشيخ البلادي كتاباً كاملاً في أستاذه وكافله الشيخ أحمد آل طعان أسماه الحق الواضح في أحوال العبد الصالح وأملي أن أرى هذا الكتاب حيث أنّه لم يُطبع ولم يُحقّق ولا يزال حبيس المخطوطة، وجديرٌ بالذكر أن علاقة الشيخ البلادي قد توطدّت بالشيخ آل طعان أكثر فأكثر حينما صاهره وتزوّج بنته.
لم يكتفِ الشيخ البلادي بالتحصيل في القطيف وإنّما رحل إلى النجف الأشرف وتدرّج في طلب العلوم الدينية ودرس عند كبار أساتذتها وكان منهم آنذاك: الشيخ محمد حسين الكاظمي، والشيخ محمد طه نجف، والسيد مرتضى الكشميري، والشيخ محمود ذهب النجفي، والشيخ حسن بن الشيخ مطر الجزائري رحمة الله عليهم أجمعين. ومن شدّة تواضع الشيخ البلادي أنه لم يطلب إجازة الرواية من أيٍ من أساتذته لكن السيد مرتضى الكشميري قد ابتدأه بالإجازة وأعطاها إياه وكان ذلك في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك في الروضة الحيدرية مقابلا لوجه أمير المؤمنين (عليه السلام) كما حكاه الشيخ البلادي نفسه في بعض كتبه.

كتاب أنوار البدرين:

أشهر كتب الشيخ البلادي على الإطلاق هو كتاب أنوار البدرين ومطلع النيّرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين، وهذا الكتاب من أفضل الكتب التي أُلِّفتْ حول تراجم علماء مدن البحرين الكبرى وسيّرهم (ونعني بمدن البحرين الكبرى: جزر البحرين – القطيف – الأحساء)، وهذا الكتاب أفضل وأوسع وأشمل من غيره ككتاب فهرست علماء البحرين للشيخ سليمان الماحوزي، وكتاب لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتيّ العينين للشيخ يوسف البحراني. ويعد هذا الكتاب الآن من المصادر الأولى التي يعتمدها الباحثون في تاريخ علماء المنطقة وسيّرهم وأنصح جميع الشيعة بالإطّلاع عليه وخصوصاً شيعة البحرين الكبرى كي يتذكروا شيئاً من تراثهم وتاريخهم وأمجادهم.

بالإضافة إلى كتابي الحق الواضح وأنوار البدرين اللذين ذكرناهما فمن الكتب الأخرى للشيخ البلادي:

1- جواهر المنظوم في معرفة المهيمن القيوم. يتحدث هذا الكتاب عن الأصول الخمسة.
2- زواهر الزواجر في معرفة الكبائر. ذكر في هذا الكتاب سبعين كبيرة من كبائر الذنوب.
3- جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب. هو منظومة في مواليد النبي والأئمة والزهراء ووفياتهم عليهم السلام.
4- جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان.
5- رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين. اشتمل هذ الكتاب عنواناً على اثنين وخمسين حديثا مشروحة مبسوطة في الأصول والفروع والمواعظ والمناقب.
6- الجوهرة العزيزة في جواب المسألة الوجيزة. وهذا الكتاب بحث في التوحيد.
7- جنات تجري من تحتها الأنهار. وهذا الكتاب يشتمل على المناظيم والمدائح والمراثي وسائر الأشعار.

وكما ذكرنا مسبقاً فإن كثيراً من هذه الكتب حبيسة المخطوطات فينبغي علينا التحرُّك في طريق نشرها وإحياء شيء من تراث علمائنا الأجلّاء، وأطلب ممن يقرأ مقالتي هذه أن يقرأ سورة الفاتحة ويهدي ثوابها للمرحوم الشيخ علي البلادي، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
أبو لؤلؤة البحراني
5 ذو القعدة 1433

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

حتى لا ننسى.. من الخيانات الداخلية في البحرين


أحمد بن محمد آل ماجد البلادي كان أحد شيوخ البحرين الخوّنة والذي أظن أنه يتحمل كل المآسي التي تعرض لها الشعب البحراني منذ استيلاء آل خليفة على البحرين.. لماذا؟! الجواب فيما يأتي.

الشعب البحراني منذ القدم ولا يزال شعب أعزل وكل الحروب التي تعرض لها شعبنا كانت حروب دفاعية حيث يأتوننا المُحتلين والمستولين بقوة السلاح كالبرتغاليين والبريطانيين والعُمانيين والقبائل العربيّة ويقتلوننا.

في سنة 1197 هـ - أي قبل أكثر من مئتي سنة - كانت البحرين جزءاً إدارياً من الدولة الأفشارية التي تحكم إيران آنذاك، وكانت قد عيّنت الشيخ نصر آل مذكور حاكماً على البحرين وكان وزيره هو الحاج مدن الجدحفصي.

آل خليفة آنذاك كانوا في الزُبارة التي تقع في قطر ويفصل البحر جزيرة سترة البحرانية عن الساحل القطري، وقد وقع في تلك السنة خلاف في جزيرة سترة حيث جاء رجال من آل خليفة من الزبارة لشراء بعض اللوازم، وأسفر الشجار عن قتل كبير آل خليفة وانتهاب متاعهم، ورجع الباقون إلى الزبارة يستصرخون قومهم، فقرر آل خليفة الانتقام في سفينة مشحونة بالرجال والسلاح، ونزلوا جزيرة سترة وقتلوا ونهبوا ورجعوا إلى الزبارة.

أهل البحرين حينها قرروا الانتقام من قتلتهم فجمعوا الرجال وتوجّهوا إلى الزبارة، ولكن بسبب وجود الخونة والجواسيس في صفوفهم فقد أُعلم آل خليفة بهذا الموضوع، فانكسر البحارنة انكسارا شديدا.

لم يجد شعب البحرين إلّا أن يرجعوا إلى الدولة الأفشارية في إيران التي كانت البحرين آنذاك جزءاً منها فرحل حاكم البحرين الشيخ نصر آل مذكور إلى ليطلب من الدولة الأفشارية النصرة والمدد لكن الخذلان كان هو الجواب، فلمّا علم البحارنة بذلك.. كانت حينها الخيانة وكانت الطعنة التي وجّهها الشيخ أحمد بن محمد آل ماجد البلادي في خاصرة الشعب البحراني حيث كاتب آل خليفة يدعوهم للاستيلاء على البحرين ويضمن لهم المساعدة والنصر.

الوزير مدن الجدحفصي وبقيّة أهل قرية جدحفص التي كانت عاصمة البحرين آنذاك رفضوا هذه الخيانة ووقفوا ضد البلادي الذي اصطف معه أهل قريته البلاد القديم، فكانت الحرب في ذلك الوقت بين البحارنة أنفسهم.. بين الجدحفصيين وبين البلاديين.

كادت الحرب تنتهي بالنصر للجدحفصيين، لكن آل خليفة قد هجموا على البحرين مما جعل الجدحفصيين يحاربوا مع، ثُمْ قتل الوزير الحاج مدن، وانكسر وتشتتوا وقُتل منهم عدد كثير وفرّ كثيرٌ منهم إلى البلدان الأخرى خارج البحرين كالقطيف وبوشهر والبصرة والمحمرة.
أبو لؤلؤة البحراني
2 ذو القعدة 1433

أهل البحرين الروافض الذين لا يكتمون رفضهم ولا يتحاشون


يقول المؤرّخ ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان بعد ذكره لعُمْان وأنّ أهله من الخوارج الإباضية: وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم كلهم روافض سبائيون لا يكتمونه ولا يتحاشون وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريبا. (معجم البلدان ج4 ص150)

أقول: البحرين لا يُقصد منها دولة البحرين المعاصرة (البحرين الصغرى) فقط، وإنّما هي البحرين الكبرى التي تقع على كل الساحل الشرقي لشبه الجزيرة المحمدية ابتداءاً من البصرة وانتهاءاً بحدود دولة عمان المعاصرة فتشمل جزر البحرين الصغرى والقطيف والأحساء وحتى قطر والإمارات.

وأنا بحكم انتمائي لجزر البحرين الصغرى من واجبي أن أُبيّن هذا التاريخ الصحيح فنحن السكان الأصليون وليس البكريون الذين جاؤوا وفرضوا أنفسهم بقوة السيف وعاثوا في بلادنا فساداً ودماراً ولا زالوا مُستمرّين حتى الآن ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.

وكذلك فهذه الشهادة التاريخية من الحموي شاهدٌ إضافي على شهادة ابن بطوطة التي ذكرناها سابقاً من أن أهل البحرين من الرافضة الأبرار لا يكتمون ترفّضهم ولا يتحاشون ذلك فلم يكونوا مقيّدين بالتقية كما يحاول بعض المعممين المعاصرين أن يقيدونا بها ممن نعرف جيداً.

اللهم انتقم لنا ممن ظلمنا وارزقنا طلب ثارات آل محمد عليهم السلام مع ولدهم الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه ولعنة الله على أعداء آل محمد من الأولين والآخرين.
أبو لؤلؤة البحراني
غُرّة ذو القعدة الحرام 1433 هـ

الخميس، 13 سبتمبر 2012

شعارنا «يا محمد»


سيرة خلفاء أهل السقيفة (لعنة الله عليهم) الإجرامية المتوحشة وتعاليمهم، والأكاذيب التي نسجها الكذابون الثلاثة: عائشة وأبو هريرة وأنس بن مالك (لعنة الله عليهم)، وتطبيق أهل السُنّة العائشية بهذه التعاليم والأكاذيب التي خلّفها أهل السقيفة والكذابون الثلاثة سببت تشويهاً عظيماً لصورة رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) وخصوصاً عند الغرب فسمعنا أخيراً عن نيتهم لإنتاج فلم مُسيء له (روحي فداه(.

نوجه كل إدانتنا لأهل السقيفة والكذابين الثلاثة ومن شايعهم واتبعهم وائتم بهم حيث سبّبوا ردات الفعل السلبية تجاه نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله)، كما نشدد على إدانة الغربيين كذلك إذ أنهم يزعمون أنهم العقلاء وباقي الناس أقل منهم فهماً وعلماً.. هلّا اطلعوا على سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) مما رواه أهل بيته الطيبين الطاهرين ونقله العلماء الأبرار فدوّنوه في كتبهم. فإن ’محمد المخالفين‘ ليس ’محمد النبي‘، ونحن براء من الأول ونفدي الثاني بأرواحنا. ولا نعني وجود شخصيتين وإنّما هو تشبيه حيث أن الطائفة الأخرى بسبب أكاذيبها وأفعالها الإجرامية روجت لصورة أخرى عن النبي (صلى الله عليه وآله) تعاكس صورته الحقيقية المملوءة رحمةً وإنسانية، فلا عجب أن نسمع من أحد علمائنا الأبرار وهو السيد نعمة الله الجزائري (رحمه الله) أن يقول: ”لم نجتمع معهم على إله ولاعلى نبي ولا على إمام“.

قال إمامنا ومولانا الصادق (عليه السلام): ”ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة“. (الخصال ص190) وقال إمامنا ومولانا الباقر (عليه السلام): ”وشعار الحسين عليه السلام: «يا محمد»، وشعارنا: «يا محمد»“. (الكافي الشريف ج5 ص47)

صلى الله عليك يا خير الموجودات وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.

أبو لؤلؤة البحراني
السادس والعشرين من شوال 1433 هـ

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

الشيعة واللغات


Science and letters - masri.png
أي لغة من اللغات ليست إلا عالماً مستقلاً من المفردات والكلمات والألفاظ تُرتبها بعض القواعد ويستعمل البشر اللغات للتواصل فيما بينهم وإيصال المعلومات. وقد أخذت اللغة الإنگليزية في القرون الأخيرة دوراً مهماً في العالم فقد غدت من كونها لغة محلية للإنگليز في إنگلترا إلى أن تكون لغة التواصل العالمية وأن تكون اللغة الأولى في العلوم والدراسات. بالإضافة إلى بعض اللغات الأوروبية التي انتشرت بسبب استعمارها لبعض الدول كالفرنسية والبرتغالية والإيطالية والألمانية.

من هذا المنطلق ينبغي لكل الشيعة في كل العالم - خصوصاً الشباب صغيري السن - أن يتعلموا اللغة الإنگليزية ويتقونها فتكون لغتهم الثانية (إن لم تكن اللغة الأم كما هي لبعض الشيعة في بريطانيا والولايات المتحدة) بالإضافة إلى لغتهم الأصلية؛ فالشيعي العربي يتكلم العربية والإنگليزية، والشيعي الفارسي يتكلم الفارسية والإنگليزية، والشيعي التركي يتكلم التركية والإنگليزية، والشيعي الكردي يتكلم الكردية والإنگليزية، والشيعي الهندي يتكلم الهندية والإنگليزية، والشيعي الإندونيسي يتكلم الصينية والإنگليزية، وهلُّم جرّا. إتقان شباب الشيعة القراءة والكتابة والخطابة باللغة الإنگليزية يرفع مستواهم الثقافي ويتيح للشيعي العربي أن يتواصل مع الشيعي التركي، وللشيعي الفارسي أن يتواصل مع الشيعي الهندي، وللشيعي الكردي أن يتواصل مع الشيعي الإندونيسي. وهذا على أقل تقدير يجعل الشيعة يجتمعون ويقتربون من بعضهم البعض فالكل يتألم حين يرى آلام الآخر ونكون مصداقاً عملياً لقول الإمام الصادق (عليه السلام): ”المؤمنون في تبارهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى تداعى له سائره بالسهر والحمى“. (مستدرك الوسائل ج12 ص424)

مما ينبغي أيضاً الإهتمام باللغة العربية كون معرفتها مفتاحٌ لمعرفة القرآن الكريم والأحاديث الشريفة الواردة عن رسول الله وعترته الطاهرة (صلوات الله عليهم)، ومما يؤسف له أن العرب أنفسهم في هذا العصر يخطؤون في الإملاء والنحو – وقد يكون السبب هو الابتعاد عن اللهجة الفصحى والتمسك باللهجات العامية -، والواجب هنا أن ينبري المتخصصون والعارفون بقواعد اللغة العربية الإملائية والنحوية بكتابة كتيبات ترصد الأخطاء الشائعة وترشد إلى تصحيحها ثم تُنشر هذه الكتيبات في كل مكان، وأرى أيضاً أن من أسباب انتشار الأخطاء اللغوية الشائعة هو قلة الكتابة ومعلومٌ أن الأخطاء تتلاشى بالممارسة وسأتطرق في مقالة أخرى – إن شاء الله تعالى – إلى ضرورة الكتابة والحث عليها.

كذلك فإن هناك لغات مهمة يجب عدم غض النظر عنها كاليابانية والعبرية والصينية، فنحن نلاحظ قلة أو انعدام الدور الشيعي في الإهتمام بهذه اللغات والنقص المرعب والشديد في المؤلفات والمحاضرات وما أشبه بهذه اللغات، وقد نكون جميعاً آثمين لأننا لم نبلغ رسالة أهل البيت (عليهم السلام) ولم نوصل صوت التشيُّع إلى الناطقين بهذه اللغات، فقد يحاسبهم الله يوم القيامة أن: لماذا لم تؤمنوا بالإسلام؟! فيأتي جوابهم: لم نكن نعرف الإسلام إلا عن طريق بن لادن وابن باز وأبو حنيفة وابن تيمية (لعنة الله عليهم أجمعين)، ولم تبلغنا من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) أي دعوة. والناطقون بهذه اللغات عادةً ما يكونون من التُجّار أو أصحاب العلوم والتكنولوجيا والاكتشافات والتركيز في دعوتهم إلى التشيع من أعظم الأعمال في نصرة الدين والتقرب إلى مولانا وسيدنا صاحب العصر (صلوات الله عليه وعجل الله فرجه)، وهو من أفضل الحلول لمواجهة الصهيونية وأفضل من الأعمال الصبيانية كحرق علم الكيان الصهيوني والصراخ مرگ بر اسرائيل؛ فهذه الأعمال تنفرهم من التشيع بعكس دعوتهم بكل احترام للتشيع فإن ذلك يدمر الكيان الصهيوني من الداخل مما لا يستطيع الصهاينة أنفسهم أن يجدو حلاً لهذه المشكلة.

أسأل الله أن يوفق إخواننا وأخواتنا في كل مكان لرفع راية الدين ونصرة سيدة المرسلين وعترته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

أبو لؤلؤة البحراني
الخامس والعشرين من شهر شوال 1433 هـ

الاثنين، 10 سبتمبر 2012

”عاشوراء يوم فرح وسرور“ لم يبدأها فؤاد الرفاعي.. !


(هاشم الحدّاد الكربلائي)

وجهه بشعٌ وقبيح.. لو رأيت الخنزير أو الكلب ثم نظرت إلى وجهه لعلمت أنه أقبح من الخنزير أو الكلب ولا تشك بأنه أنجس من الكلاب والخنازير؛ إنه الناصبي فؤاد الرفاعي (لعنه الله) الذي رفع لافتة كبيرة في الكويت بعنوان عاشوراء يوم فرح وسرور وأما قباحة وجهه وبشاعته فنظرة واحدة في صورته كافية لإثبات ذلك أمّا نجاسته فراجعٌ إلى قول الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وان الناصب لنا أهل البيت أنجس منه“. (وسائل الشيعة ج1 ص163 - علل الشرائع ج1 ص292)

استنكر العديد من الشيعة في الكويت وخارجها ما أقدم عليه هذا الناصبي الخبيث لأنهم وجدوه يتعدّى على مقام سيد الشهداء وهو أفضل الخلق ما خلا جده المصطفى وأبيه المرتضى وأمه الزهراء وأخيه المجتبى (صلوات الله وسلامه عليهم)، وليت أن بعض هؤلاء دققوا بأن النجس الرجس المُسمى بفؤاد الرفاعي (لعنه الله) لم يكن أول من سنّ هذه العادة الخبيثة بل سبقه بعض المنتمين للتشيع ممن أدعو كل من يقرأ كلماتهم أن يتبرأ منهم.

أحد هؤلاء هو الحداد الكربلائي أو السيد هاشم الحداد، وهو واحد ممن سلك مسلك العرفاء (أي صوفية الشيعة) وقد ذكرنا تحذيرات أئمتنا (عليهم السلام) من مسلكهم كما أوردنا شيئاً من انحرافاتهم في مقالتنا الخامسة حول التقليد. (يمكن الرجوع إليها من هنا)

يكتب محمد حسين الحسيني الطهراني – وهو من العرفاء أيضاً وأحد تلامذة الحداد الكربلائي – في كتابه الروح المجرد فيقول في ترجمة سيّده وأستاذه الحداد الكربلائي (لعنة الله عليهما): ”لقد كان وضع سماحة الحداد متغيراً ومتقلباً طوال الأيام العشرة للعزاء وكان وجهه يحمر وعيناه تتلألآن و تنيران؛ لكن حال الحزن والغم لم تكن لتبدو عليه بل كان الابتهاج والسرور يملأ كيانه“، وينقل الطهراني قول سيده الحداد: ”كم أن هؤلاء الناس غافلون حين يحزنون ويقيمون المأتم والعزاء لهذا الشهيد القتيل“ ويستمر بنقله: ”ولقد كان في الحقيقة يوم سرور أهل البيت وبهجتهم“.

يبيّن الطهراني أن الذين يفرحون في يوم عاشوراء هم العرفاء الذين يعتقدون بوحدة الموجود كالحدّاد الكربلائي فيقول: ”ينبغي العلم أن ما تفضل به المرحوم الحداد كان عن حاله الشخصي في ذلك الوقت؛ حيث عَبَرَ من عوالم الكثرات ووصل إلى الفناء المطلق في الله“، وأمّا المسلمون فإنهم يصرّون التزاماً منهم بوصايا أئمتهم عليهم السلام بإظهار مظاهر الحزن فيواصل الطهراني: ”أما بالنسبة لسائر أفراد الناس الذين لم يتخلّصوا من عالم الكثرات وبقوا أسرى فيه، و الذين عجزوا عن تخطى عالم النفس؛ فإنّ عليهم حتماً البكاء و إقامة العزاء ولطم الصدور وقراءة المراثي“. (كل ما نقلناه عن الطهراني والحداد من كتاب الروح المجرد ويمكن الرجوع إلى النسخة الإلكترونية من الكتاب والتوثُّق مما ننقله)

ومن يقرأ جيداً العبارات المنقولة يعرف مقصد الطهراني فالحداد الكربلائي لم يعد يؤمن بما أسماه الطهراني عوالم الكثرات والذي يُقصد منه أن الوجود فيه كثرات مختلفة أي أن التمساح مخلوق مختلف والأسد مخلوق مختلف والإنسان مخلوق مختلف وكلها مخلوقات كثيرة (كثرات)؛ فالحداد وصل إلى ما أسماه الطهراني الفناء المطلق إلى الله والذي يعني أن كل شيء هو الله - والعياذ بالله - فالتمساح هو الله والأسد هو الله والإنسان هو الله وكل ما في هذا الكون من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة هو الله. ونحن مسلمون والمسلمون لا يعتقدون بعقيدة الفناء المطلق في الله (أو وحدة الموجود) ونحن من الذين لم يتخلّصوا من عالم الكثرات الذين لا يزالون يعتقدون بوجود خالق وعملية خلق ومخلوقات وهؤلاء عليهم حتماً البكاء و إقامة العزاء ولطم الصدور وقراءة المراثي.

ولا ينخدعنّ الأخوة المؤمنين بما سيحاول بعض أتباع هؤلاء الأصنام (أعني الذين يُزعم أنهم من علماء الشيعة) "الترقيع" لسادتهم وأصناهم؛ فالحقّ واضح فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ. ولا يحق للمدافعين عن الحدّاد وأضرابه أن يهاجموا فؤاد الرفاعي لأنهم سيان بل الحداد أخطر وأدهى وأمر؛ ففؤاد الرفاعي وإن كان ناصبياً خبيثاً إلّا أنه يُظهر نصبه بشجاعة أدبية لا يمتلكها المنافقون من العرفاء الذين يدّعون حب الحسين (عليه السلام) وهم يفرحون في يوم مقتله ويضلون الشيعة والموالين وهل احتفل الرفاعي بيوم عاشوراء إلّا بفتوى الحداد؟!

أبو لؤلؤة البحراني
الرابع والعشرين من شوّال 1433 هـ

وفاة السيد نعمة الله الجزائري أعلى الله درجاته


اليوم هو الثالث والعشرون من شهر شوال ويصادف ذكرى رحيل العالم الجليل المُحدّث السيد نعمة الله الجزائري أعلى الله درجاته حيث توفي في مثل هذا اليوم سنة 1112 هـ. لهذا المحدّث الجليل كتب قيمة منها الأنوار النُعْمانية والنور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين وغيرها. أملي ورجائي ممن كل من يرى كلماتي أن يقرأ سورة الفاتحة ويهديها إلى روح السيد نعمة الله الجزائري.

الأحد، 9 سبتمبر 2012

رافضة القطيف.. يُظهرون الرفض جهاراً لا يتقون أحدا


قال الرحّالة ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار الصفحة 180 في ذكره لرحلته إلى القطيف سنة 729 هـ:

ثُمّ سافرنا إلى مدينة القطيف وهي مدينة كبيرة حسنة ذات نخل كثير يسكنها طوائف العرب وهم رافضية غلاة يُظهرون الرفض جهاراً لا يتّقون أحدا، ويقول مؤذنهم في أذانه بعد الشهادتين: «أشهد أنّ عليّاً وليّ الله»، ويزيد بعد الحيعلتين «حيّ على خير العمل» ويزيد بعد ‏التكبير الأخير «محمد وعلي خير البشر من خالفها فقد كفر».

نستفيد من هذا الشاهد التاريخي:

1-  كان الرافضة الأبرار يتركون التقية إن تيسر لهم ذلك ويجهرون بالحق ولم يَكُن العكس صحيحاً.
2-  كان الرافضة ملتزمون بالشهادة الثالثة المقدسة في أذانهم وليست بدعة جاء بها الصفويون كما زعم الهالك محمد حسين فضل الله (لعنة الله عليه).
3-  أن تكفير الرافضة لغيرهم أمرٌ طبيعي وليس بمستغرب بل العكس هو الصحيح؛ مع مراعاة أنّ الفقهاء خصوصاً المتأخرين وإن كانوا يوافقون القول بكفر غير الرافضة ولكن موضوعاً وليس حُكماً أي تُطبّق أحكام المسلمين في الدنيا على الطوائف المنتسبة للإسلام ولكن يُحشرون يوم القيامة مع الكفار.

وستبقى القطيف قلعة من قلاع الرافضة وسيقتلعون أي راية تسمح بتلويث عقيدتهم الرافضية النقية.
أبو لؤلؤة البحراني
الثالث والعشرين من شهر شوال 1433 هـ

دعوة إلى شباب الشيعة.. نعم لاقتحام ويكيبيديا


ويكيبيديا (الموسوعة الحرة) هو مشروع أطلقته مؤسسة ويكيميديا الأمريكية التي تأسست في العشرين من يونيو/حزيران 2003 وتتخذ من مدينة سان فرانسِسكو مقراً لها، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى نشر المعرفة، وويكيبيديا هي أحد المشاريع التي أطلقتها مؤسسة ويكيميديا؛ وويكيبديا هو مشروع موسوعة متعددة اللغات على الإنترنت يمكن لأي شخص المساهمة في بنائها وفق الضوابط والشروط.

وهذه الموسوعة مشهورة الآن في العالم العربي حيث لو أراد شخص البحث عن موضوع ما وكتب عنه في محركات البحث (كـ Google وغيره)؛ لكانت ويكيبيديا من أولى النتائج.

كل هذه العوامل تشجّعني على حث جميع إخواني المؤمنين لغزو ويكيبيديا وتطوير المقالات المتعلقة بعقيدتنا وديننا - مع الالتزام بقوانين الموسوعة - حيث أنها فرصة لنا، ومما يجب أن أُنبّه إخواني وأخواتي قبل الشروع في المشاركة في ويكيبيديا أنّ ويكيبيديا موسوعة أمريكية محايدة وليست موسوعة شيعية فيقرأها الشيعي وغير الشيعي ويقرأها الخليجي والعراقي والمصري والمغربي ويقرأها البكري والنصراني واليهودي والملحد فيجب في كتابة المقالات التزام المعايير الويكيبيدية فمثلاً لو أراد شخصٌ كتابة مقالة عن الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) لا يُكتب بهذه الصيغة: ”الشيخ المفيد هو الشيخ الفقيه الجليل العظيم صاحب المؤلفات القيّمة..“؛ وإنما يجب تغيير لغة الكتابة والتزام الحيادية وكأنّ كاتب المقالة ليس بشخص شيعي فيُكتب في مقالة الشيخ المفيد بهذه الصيغة: ”محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبري المعروف بالشيخ المفيد هو رجل دين وفقيه ومحدث شيعي عاش في الفترة بين عامي 336هـ-413هـ..“. الصيغة الأولى في الكتابة ليست متوافقة مع معايير ويكيبيديا وقد يُعرّضها للحذف إن لم تُعدّل، والصيغة الثانية هي المقبولة.

وعند كتابة المقالات يُرجى وضع المصادر فحين تريد كتابة مقالة عن الشهيد السيد حسن الشيرازي (رضوان الله عليه) على سبيل المثال اعتماداً على كتاب الأخ الشهيد السيد حسن الشيرازي لأخيه المرجع الراحل السيد محمد الشيرازي (رحمه الله) يُكتب في أسفل المقالة عنوان الكتاب واسم المؤلف وتاريخ الطبع ودار النشر ثُم توثق المعلومات التي نقلتها من الكتاب.

وكل هذه الأمور يمكن تعلمها عبر استخدام ويكيبيديا ومع الأخطاء تتعلم كيفية كتابة مقالة في ويكيبيديا وتساهم في بنائها وفي تطوير المقالات التي تختص بعقيدتك ودينك.

أخوكم أبو لؤلؤة البحراني
الثاني والعشرين من شهر شوال 1433 هـ

الخميس، 6 سبتمبر 2012

التقليد - ج5


استمراراً للمقالات السابقة حول التقليد نستمر بالكلام حول انحرافات بعض المحسوبين عن الشيعة ونتكلم بالخصوص عن فلاسفة الشيعة وصوفية الشيعة؛ فقد ابتلي التشيّع بالفلاسفة والصوفية حيث جاءت هذه المناهج الدخيلة إلى التشيُّع لهدمه من الداخل، وقد ورد عن أئمتنا عليهم السلام نهيٌ شديد عن اتباع الفلسفة والتصوّف الذي يُسميه صوفية الشيعة بالعرفان وهو أبعد ما يكون عن العرفان الحقيقي.

جاءت أحاديث شريفة عديدة عن أئمتنا (عليهم السلام) تحذّر من الصوفية؛ بل والأدهى والأمرّ أن يُذكر عنهم (عليهم السلام) أن بعض الشيعة يميلون إلى الفلسفة والتصوف ويسلكون مسلكهم. حين نرى أن بعض الشيعة – وبعض المراجع - كذلك؛ وجب علينا تحذير الناس منهم ومن أخذ الدين منهم وتقليدهم في أحكام الدين. ونذكر منها بعض الأحاديث:

1-  قال الإمام الرضا (عليه السلام): ”من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه؛ فليس منا. ومن أنكرهم؛ كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (مستدرك الوسائل ج12 ص323) 
2-  قال الإمام الصادق (عليه السلام): ” فتبًا وتُعْسًا وخيبةً لمنتحلي الفلسفة“. (مستدرك سفينة البحار ج8 ص299)
3-  روي عن الحسين بن أبي الخطاب، قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (عليه السلام) في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري، وكان بليغاً وله منزلة مرموقة عند الإمام (عليه السلام) وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه، وأخذوا بالتهليل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنّهم حلفاء الشياطين، ومخرّبو قواعد الدين، يتزهّدون لإراحة الأجسام، ويتهجّدون لصيد الأنعام، يتجرّعون عمراً حتى يديخوا للايكاف حمراً، لا يهللون إلاّ لغرور الناس، ولا يقلّلون الغذاء إلاّ لملء العساس واختلاس قلب الدفناس، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ، ويطرحونهم بإذلالهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنّم والتغنية، فلا يتبعهم إلاّ السفهاء، ولا يعتقد بهم إلاّ الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حياً أو ميتاً، فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحداً منهم فكـأنّما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان . فقال أحد أصحابه: وإن كان معترفاً بحقوقكم؟ فزجره (عليه السلام) وصاح به: دع ذا عنك! من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفية؟! والصوفية كلهم مخالفونا، وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلاّ نصارى أو مجوس هذه الأمة، أُولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون“. (حديقة الشيعة ص602)
4-  قال الإمام العسكري (عليه السلام): ”سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر، والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدمون الكبراء، كل جاهل عندهم خبير، وكل محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، ولا يعرفون الظأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم“. (سفينة البحار للقمي ج2 ص58)
وقد سار علمائنا الأبرار في درب محاربة التصوّف والذي يُسمّى أحيانًا عند صوفية الشيعة بالعرفان، وقد قال آية الله العظمى السيّد المرعشي النجفي (رحمه الله): ”عندي أن مصيبة الصوفية على الإسلام من أعظم المصائب, تهدمت بها أركانه وانثلم بنيانه وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم أن الداء سرى إلى الدين من رهبة النصارى فتلقاه جمع من العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاووس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما أبقوا حجراً على حجر من أساس الدين, أولوا نصوص الكتاب والسنة وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية والتزموا بوحدة الوجود؛ بل الموجود“. (شرح إحقاق الحق ج1 ص183)

وحدة الموجود نظرية كفرية تقول بأن كل ما في هذا الكون من الموجودات من أصغر ذرّة إلى أكبر مجرّة هي عين ذات الله عزّ وجل، وإليك نموذج من تصريحات إثنين من كبار العرفاء (الصوفية الشيعة) الذين يغترّ عوام الناس بهم:

1- روح الله الخميني: صرّح في كتابه تفسير سورة حمد (باللغة الفارسية) بالقول بوحدة الموجود مشبهاً ذلك بالبحر مع أمواج البحر حيث أن البحر والأمواج ليسوا شيئين مختلفين؛ وإنما الأمواج صورة للبحر، فكذلك المخلوقات – والعياذ بالله – صورةٌ لله عزّ وجل. وفي المقطع الذي ننقله يتحدث الخميني عن وحدة الموجود فيقول: ”وهذا من الأسرار التي لا يمكن إفشاء حقيقتها و التصريح بها فالعالم خيال في خيال و وهم في وهم ليس في الدار غيره ديار“. (تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس ص98) وفي موضع آخر يقول: ”يكون صور الخلائق ظهور الحق لا ظهورها و باطنها بطونه لا بطونها فالعالم غيب ما ظهر و الحق ظاهر ما غاب و الغيب بمعنى عدم الوجود مطلقا لا وجود غيبي باطني“. (المصدر نفسه 167)
2- محمد حسين الطباطبائي: نتيجة اعتماده على الفلسفة فقد خالف العديد من الأحاديث الشريفة والحقائق الدينية، وقد خصَّص الباحث الإسلامي الأستاذ السيّد جهاد الموسوي (حفظه الله) محاضرة بعنوان التحذير من تفسير الميزان يحذر فيها من الانحرافات التي حواها كتاب الميزان في تفسير القرآن ومؤلفه محمد حسين الطباطبائي؛ ومما ذكره السيد جهاد هو قول الطباطبائي بأن بدء النسل كان بزواج أبناء آدم وبناته من بعضهم البعض والعياذ بالله متناسيًا الأحاديث الشريفة التي نفت ذلك؛ حيث قال بالنصّ في كتابه تفسير الميزان: ”إنّ الإزدواج في الطبقة الأولى بعد آدم وزوجته أعني في أولادهما بلا واسطة إنما وقع بين الاخوة والأخوات ازدواج البنين بالبنات إذ الذكور والإناث كانا منحصرين فيهم يومئذ ولا ضير فيه فإنه حكم تشريعي راجع إلى الله سبحانه فله أن يبيحه يوما ويحرمه آخر“. (تفسير الميزان ج4 ص137)
جديرٌ بالذكر أن السيد جهاد قد أشار لوجود باب كامل في كتاب بحار الأنوار يحتوي أحاديثًا شريفة تنقض ما زعمه الطباطبائي؛ وقد أبدى السيّد في الوقت ذاته تعجبه من أن الطباطبائي نفسه كتب تعليقًة على البحار فكيف لم تمرّ هذه الأحاديث عليه؟!
وهذا الموضوع فيه تفصيلات لا يسعنا في هذه المقالة الصغيرة أن نُبيّنها وإنّما ننصح الأخوة الكرام بمراجعة سلسلة محاضرات الفلسفة والعرفان للسيد مجتبى الشيرازي وكذا بعض محاضرات الشيخ ياسر الحبيب والسيد أحمد الشيرازي وكتابات ومحاضرات الكاتبين الإسلاميين الأستاذ أحمد مصطفى يعقوب والأستاذ السيّد جهاد الموسوي.

وحيث أنّ هذه المقالة هي الأخيرة في موضوع التقليد – وقد أجمعها كلها في كتاب - فأقول كلمة أخيرة: بعد أن يفهم المُكّلف مفهوم المرجعية ويحدد المرجع الذي سيقلّده يبدأ بقراءة رسالته العملية، و(الرسالة العملية) يُقصد منه الكتاب الذي يكتب فيه المرجع فتاواه بحيث يأخذ منها المُكلّف أحكامه؛ فعلى المُكلّف أن يبدأ بقراءة الرسالة العملية وحفظ مسائلها جيداً حيث أنها أحكام دينه ومعظم – إن لم يكن كل – الرسائل العملية للمراجع متوافرة على الإنترنت ويسهل الحصول عليها.

أسأل الله أن يبصّرنا في دينه ويوفقنا لنيل مرضاته ومرضاة وليّه الأعظم وحجته على خلقه مولانا ومقتدانا ومنقذنا الإمام الحجة المهدي بن الحسن صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.

أخوكم أبو لؤلؤة البحراني
العشرون من شوّال 1433 هـ