ذكرنا في المقالة السابقة بعض الانحرافات التي تُسقط
المرجع عن العدالة، أما في هذ المقالة سنناقش بعض ما يتعلق بالانحراف في الإمامة
فإنّها أصلٌ من أصول الدين فيكون الانحراف فيها انحرافا خطيرا في أصول الدين؛ يجب
علينا أنّ نتصدى لها بكل قوة، ومن الانحرافات في الإمامة:
1- الترحم على الطغاة الثلاثة والثناء
عليهم: ونعني بالطغاة الثلاثة؛ أبا بكر
وعُمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان (لعنة الله عليهم)، فإنّهم من أوائل من غصبوا
حقّ أهل البيت (عليهم السلام) وأزاحوا الوصيّ الشرعي وأمير المؤمنين الإمام علي بن
أبي طالب (عليه السلام) عن مقامه ثُمّ هجموا على بنت النبي (صلى الله عليه وآله)
وقتلوا جنينها وضربوها وكسروا أضلاعها وأنبتوا المسمار في صدرها. وقد ابتلي
التشيُّع في عصرنا بأدعياء التشيع ممن يترحم على هؤلاء الثلاثة (لعنة الله عليهم
وعلى من ترحّم عليهم) ويثني عليهم، وهُمْ كثيرون ومنهم: محمد باقر الصدر الذي أثنى
على أبي بكر وعمر في نداءه الثالث المشؤوم، ومحمد حسين فضل الله الذي يترحّم على
هؤلاء الثلاثة في موارد عديدة ومنها ما شاهدناه في قناة الجزيرة حين أتبع اسم أبي
بكر (لعنه الله) بعبارة: “رضوان الله عليه”. وقد يُقال بأن ذلك كان
"تقية" منهم؛ فيُجاب على ذلك: بأن الصدر كان ثائرا ضد النظام العراقي
وكان ندائه موجها للشعب العراقي ومحرضا على النظام؛ فكيف يكون عاملا بالتقية وهو
يقود ثورة؟! وأمّا فضل الله فإنّه لم يكن ما يوجب عليه أن يترّضى على أبي بكر
وإنّما كان عزيمة منه وكان يكفيه أن يأتي بإسم أبي بكر دون أن يترضى عليه ودون أن
يلعنه ولكنه تعمد أن يترضى عليه. فضلا عن
كل هذا فإن التقية تكون فقط في حال الخوف من الضرر الشديد كالقتل فقط؛ فهل كان فضل
الله معرضا للقتل إن لم يترضى على أبي بكر؟! بل حتى التقية تُحرّم إذا كان العمل
بها يؤدي إلى مفسدة في الدين وقد نتعرّض لموضوع التقية هذا في مقالة منفصلة.
2- الترّضي على الشيطانتين والثناء
عليهما: يقول الله عزّ وجل في كتابه
الكريم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ}؛ من هنا اعتاد المسلمون على تسمية أزواج النبي (صلى الله عليه
وآله) بأمهات المؤمنين، ولكنّ الإشكال هنا في إطلاق لفظ أم المؤمنين على
الشيطانتين عائشة وحفصة (لعنة الله عليهما)، فإنّ من المعلوم أنّ كُفر هاتين
المرأتين بعد النبي (صلى الله عليه وآله) يُجرّدهما من الإيمان؛ فضلا عن وجود
أدلّة – في عائشة خصوصا – تثبت سقوط بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) عن هذا
الشرف العظيم؛ وأهمها قول رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) مخاطبا وصيه أمير
المؤمنين (عليه السلام): “يا أبا الحسن إن هذا شرف باق ما دمن على طاعة الله
فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فطلقها من الأزواج وأسقطها من شرف أمية
المؤمنين”. (مكيال المكارم ج1 ص27 والاحتجاج ج2 ص172 وبحار الأنوار ج32 ص268)
ولكننا نقول أن
إعذار من وصف عائشة – مثلا – بأم المؤمنين ممكن؛ ولكن لا يمكن لنا أبدا أن نُعْذر
من يصف عائشة أو حفصة بالسيّدة، أو أن يثني عليهما مع أنهما المباشرتان لقتل خير
الخلق رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) وذلك بأمر من أبويهما (عليهما وعلى
ابنتيهما أشد اللعنة والعذاب)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه يقول: “من
تأثّم أن يلعن من لعنه الله فقد لعنه الله”. (اختيار معرفة الرجال ج2 ص811)
فإذا كان الله
يلعن من يتأثّم أن يلعن من لعنه الله؛ فكيف بمن يترضى أو يثني على من لعنهما
الله؟! وقد يُسأل ما الدليل على قتل عائشة وحفصة (لعنة الله عليهما) لرسول الله
(صلى الله عليه وآله)؛ فإن هناك أدلّة مُفصّلة أنصح الباحثين في هذا بالاستماع
لسلسلة محاضرات الليالي المحمدية 1432 للشيخ ياسر الحبيب فقد ذكر فيها الأدلّة
مناقشًا إياها بالتفصيل. فإذا عُلم كُلُّ ذلك؛ عُلِم انحراف عقيدة من يثني
على عائشة وحفصة ممن تصدّى للمرجعية.