جاء في الحديث المروي عن
مولانا وإمامنا العسكري (عليه السلام): "لا تتجاوزوا بنا العبودية وقولوا
فينا ما شئتم ولن تبلغوا". إن هذا الحديث الشريف يكتفي به أهل الولاء في معرفة
أهل البيت (عليهم السلام)؛ فإنه يُحدِّد مقياس الغلو فيهم. فنحن مهمنا ذكرنا في أهل البيت (عليهم السلام)
فإنّنا لن نبلغ معرفة كنههم ومقامهم (عليهم السلام).
إذا
عرفنا ذلك؛ نعرف حتمًا أن امتلاك أهل البيت (عليهم السلام) للولاية التكوينية أمرٌ
لا ريب فيه، وعلمهم بعلم الغيب لا ينكره مسلم. فلا قيمة حينها لاستدلالات بعض المُنحرفّين
والضالّين المُضلّين الذين ينفون عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مقاماتهم
العظيمة ومناقبهم الجليلة.
وإضافةً للحديث الشريف الذي
صدرّتُ به كلامي؛ فإن هناك أحاديثًا شريفة تذكر حقيقة عدم إمكان وصولنا للمعرفة
التامة لمقامهم (صلوات الله عليهم)، ومنها ما رواه الشيخ النمازي الشاهرودي
(رحمه الله) في كتابه مستدرك سفينة البحار، وهو قول رسول الله (صلى الله
عليه وآله): "يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا
عرفك إلا الله وأنا". (مستدرك سفينة البحار ج7 ص182 نقلًا عن بضع مصادر أخرى)
وأقول
أن كل ما ثبت من المعاجز للأنبياء السابقين (عليهم السلام) فهو ثابتٌ لأهل البيت
(عليهم السلام) ويؤيد ذلك بعض الأحاديث الشريفة وننصح الباحثين بالمراجعة إلى كتاب
سماحة العلامة السيّد هاشم التوبلاني (رحمه الله) الموسوم باسم مدينة المعاجز ففيه العديد من المرويات الشريفة وننقل بعضًا منها:
1-
قال الحسن بن علي (عليهما السلام): كنت مع أبي بالعقيق،
إذ لاح لنا ذئب فجعل يهرول حتى وقف بين يدي أبي، فجعل يلطع بلسانه قدميه ويتمسح
به، فقال أبي: انطق بها أيها الذئب بإذن الله تعالى فأنطقه الله تعالى وهو يقول: السلام
عليك يا أمير المؤمنين. (مدينة المعاجز ج1 ص275)
2-
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: لقيت عمارًا في بعض سكك
المدينة فسألته عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فأخبر أنه في مسجده في ملأ من قومه
وأنه لما صلى الغداة أقبل علينا فبينا نحن كذلك وقد بزغت الشمس إذ أقبل علي بن أبي
طالب (عليه السلام( فقام إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل بين عينيه، وأجلسه
إلى جنبه حتى مست ركبتاه ركبتيه، ثم قال: يا علي قم للشمس فكلمها فإنها تكلمك.
فقام أهل المسجد وقالوا: أترى عين الشمس تكلم عليا؟ وقال بعض: لا يزال يرفع حسيسة
ابن عمه وينوه باسمه، إذ خرج علي (عليه السلام) فقال للشمس: كيف أصبحت يا خلق
الله؟ فقالت: بخير يا أخا رسول الله، يا أول يا آخر، يا ظاهر يا باطن، يامن هو بكل
شئ عليم. (مدينة المعاجز ج1 ص215)
3-
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الحسن والحسين
(((عليهما السلام) كانا يلعبان عند النبي (صلى الله عليه وآله) حتى مضى عامة الليل،
ثم قال لهما: انصرفا إلى أمكما، فبرقت برقة، فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة
(عليها السلام) والنبي (صلى الله عليه وآله) ينظر إلى البرقة، وقال: الحمد لله
الذي أكرمنا أهل البيت. (مدينة المعاجز ج4 ص6)
ومثل هذه الأحاديث الشريفة
كثيرةٌ جدًا وكلّها لا تعطينا إلا صورة بسيطة عن مقامهم (عليهم السلام) وإلّا فنحن
وإن قلنا ما أردنا إلا أننا لن نبلغ بنص الإمام العسكري (عليه السلام) وإنّما
نكتفي بما وصلنا من الروايات الشريفة في مقامهم (عليهم السلام) محاولين أن نتصور
مقامهم - وكما قلنا سابقًا – ولن نبلغ أبدًا وأنّى للداني أن يحيط بالأعلى؟!
اللهم صلّ على محمد وآله
الطيبين الطاهرين والعن أعدائهم وظلمتهم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم ومقاماتهم
الرفيعة ومراتبهم الجليلة والحمد لله
ربّ العالمين.
أبو لؤلؤة البحراني
الثاني من شوّال 1433 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق