يقول أمير المؤمنين ومولى
الموحّدين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما جاء في نهج البلاغة: “العلماء
باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة”.
وهنالك أحاديث كثيرة عن
أئمتنا (عليهم السلام) توضّح فضل العالم والعلماء، ومنها قول الإمام الباقر (عليه
السلام): “عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد”. (الكافي الشريف ج1 ص33)
ويقول رسول الله الأعظم (صلى
الله عليه وآله): “من ورّخ مؤمناً فكأنما أحياه”. (مستدرك سفينة البحار ج10 ص279)
من هذا الباب نحاول أن نكتب
ولو شيئاً بسيطاً عن المرحوم المُقدّس العلامة الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي
(رحمة الله عليه).. أصله من قرية البلاد القديم البحرانية وقد ولد فيها سنة 1274
هـ، ولم يكن هذا العالم من أهل الدنيا وكل من إطّلع بسيرته علم بحاله فقد فقد
والده وهو في السابعة من عمره وكانت البحرين تعيش حياة مأساوية من صراع السلاطين
وطُلّاب الدنيا وقد قتل في تلك السنوات حاكم البحرين آنذاك وهو علي بن خليفة، وقد
تشتت كثيرٌ من أهل البحرين وفرّوا إلى البلدان المجاورة، وكانت القطيف أكثر
البلدان التي يرحل إليها البحارنة في فترات الحروب والاضطرابات لقربها الجغرافي
ولوجود بعض المشتركات بين البحرين والقطيف كالتاريخ والعادات والتقاليد. كان الشيخ
البلادي رحمه الله من جملّة من رحلوا إلى القطيف مع والدته وكان صغير السن حينها
وقد توفيت والدته بعد سنتين فصار يتيم الأب والأم، إلّا أن الشيخ المرحوم أحمد آل
طعان رضوان الله عليه - وهو بحراني ستراوي الأصل أي من جزيرة سترة البحرانية – كان
قد استقرّ في قرية القديح القطيفية فآوى الشيخ البلادي عنده وكفله وربّاه أحسن
تربية وكان له أباً وأستاذاً، وهنا تتبين أهمية رعاية اليتامى حيث أن اليتامى قد
يكونون من العظماء فيما بعد. وقد كتب الشيخ البلادي كتاباً كاملاً في أستاذه
وكافله الشيخ أحمد آل طعان أسماه الحق الواضح في أحوال العبد الصالح وأملي أن أرى
هذا الكتاب حيث أنّه لم يُطبع ولم يُحقّق ولا يزال حبيس المخطوطة، وجديرٌ بالذكر
أن علاقة الشيخ البلادي قد توطدّت بالشيخ آل طعان أكثر فأكثر حينما صاهره وتزوّج
بنته.
لم يكتفِ الشيخ البلادي بالتحصيل
في القطيف وإنّما رحل إلى النجف الأشرف وتدرّج في طلب العلوم الدينية ودرس عند
كبار أساتذتها وكان منهم آنذاك: الشيخ محمد حسين الكاظمي، والشيخ محمد طه نجف،
والسيد مرتضى الكشميري، والشيخ محمود ذهب النجفي، والشيخ حسن بن الشيخ مطر
الجزائري رحمة الله عليهم أجمعين. ومن شدّة تواضع الشيخ البلادي أنه لم يطلب إجازة
الرواية من أيٍ من أساتذته لكن السيد مرتضى الكشميري قد ابتدأه بالإجازة وأعطاها
إياه وكان ذلك في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك في الروضة
الحيدرية مقابلا لوجه أمير المؤمنين (عليه السلام) كما حكاه الشيخ البلادي نفسه في
بعض كتبه.
كتاب أنوار البدرين:
أشهر كتب الشيخ البلادي على
الإطلاق هو كتاب أنوار البدرين ومطلع النيّرين في تراجم علماء القطيف والأحساء
والبحرين، وهذا الكتاب من أفضل الكتب التي أُلِّفتْ حول تراجم علماء مدن البحرين
الكبرى وسيّرهم (ونعني بمدن البحرين الكبرى: جزر البحرين – القطيف – الأحساء)،
وهذا الكتاب أفضل وأوسع وأشمل من غيره ككتاب فهرست علماء البحرين للشيخ سليمان
الماحوزي، وكتاب لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتيّ العينين للشيخ يوسف البحراني.
ويعد هذا الكتاب الآن من المصادر الأولى التي يعتمدها الباحثون في تاريخ علماء
المنطقة وسيّرهم وأنصح جميع الشيعة بالإطّلاع عليه وخصوصاً شيعة البحرين الكبرى كي
يتذكروا شيئاً من تراثهم وتاريخهم وأمجادهم.
بالإضافة إلى كتابي الحق
الواضح وأنوار البدرين اللذين ذكرناهما فمن الكتب الأخرى للشيخ البلادي:
1- جواهر المنظوم في معرفة المهيمن القيوم. يتحدث هذا الكتاب عن الأصول
الخمسة.
2- زواهر الزواجر في معرفة الكبائر. ذكر في هذا الكتاب سبعين كبيرة
من كبائر الذنوب.
3- جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب. هو منظومة في مواليد النبي
والأئمة والزهراء ووفياتهم عليهم السلام.
4- جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان.
5- رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين. اشتمل
هذ الكتاب عنواناً على اثنين وخمسين حديثا مشروحة مبسوطة في الأصول والفروع
والمواعظ والمناقب.
6- الجوهرة العزيزة في جواب المسألة الوجيزة. وهذا الكتاب بحث في
التوحيد.
7- جنات تجري من تحتها الأنهار. وهذا الكتاب يشتمل على المناظيم
والمدائح والمراثي وسائر الأشعار.
وكما ذكرنا مسبقاً فإن
كثيراً من هذه الكتب حبيسة المخطوطات فينبغي علينا التحرُّك في طريق نشرها وإحياء
شيء من تراث علمائنا الأجلّاء، وأطلب ممن يقرأ مقالتي هذه أن يقرأ سورة الفاتحة
ويهدي ثوابها للمرحوم الشيخ علي البلادي، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
أبو لؤلؤة البحراني
5 ذو القعدة 1433